القصائد الشعرية

رحلة ومصير

2010-07-26



رحلة ومصير

 

يا من يتابع سيد الثقلان** كن للمهيمن صادق الإيمان

واعلم بأن الله خالقك الذي** سوَّاك لم يحتج إلى إنسان

خلق البرية كلها من أجل أن ** تدعوه بالإخلاص والإذعان

قد أرسل الآيات منه مخوِّفاً** لعباده كي يُخلص الثقلان

وأبان للإنسان كل طريقةٍ ** كي لا يكون له اعتذار ثان

ثم اقتضى أمراً و نهياً علَّها** تتميز التقوى عن العصيان

ووُلدت مفطوراً بفطرتك التي** ليست سوى التصديق والإيمانِ

وبُليت بالتكليف أنت مخير ** وأمامك النجدان مفتتحانِ

فعملت ما تهوى وأنت مراقب** ما كنت محجوبا عن الديانِ

ثم انقضى العمر الذي تهنا به ** وبدأت في ضعف وفي نقصان

ودنى الفراق ولات حين تهرُّب** أين المفر من القضاء الداني؟

والتف صحبك يرقبون بحسرة ** ماذا تكون عواقب الحدثان؟

واستل روحك والقلوب تقطعت ** حزنا وألقت دمعها العينانِ

فاجتاح أهل الدار حزن بالغ ** واجتاح من حضروا من الجيرانِ

فالبنت عبرى للفراق كئيبةً ً ** والدمعُ يملأ ساحة الأجفانِ

والزوج ثكلى والصغار تجمعوا ** يتطلعون تطلع الحيرانِ

والابن يدأب في جهازك كاتماً** شيئاً من الأحزان والأشجان

وسرى الحديث وقد تساءل بعضهم** أو ما سمعتم عن وفاة فلانِ

قالوا سمعنا والوفاة سبيلنا ** غيرُ المهيمن كل شيء فان

وأتى الحديث لوارثيك فأسرعوا** من كل صوب للحطام الفاني

وأتى المغسل والمكفن قد أتى** ليجللوك بحلة الأكفانِ

ويجردوك من الثياب وينزعوا** عنك الحرير وحُلة الكتان

وتعود فرداً لست حامل حاجة ** من هذه الدنيا سوى الأكفان

وأتى الحديث لوارثيك فأسرعوا ** فأتوا بنعش واهنَ العيدان

صلوا عليك وأركبوك بمركب** فوق الظهور يُحَفُ بالأحزانِ

حتى إلى القبر الذي قد جهزوا ** وضعوك عند شفيره بحنانِ

ودنا الأقارب يرفعونك بينهم** للَّحد كي تُمسي مع الديدانِ

وسكنت لحداً قد يضيق لضيقه ** صدر الحليم و صابر الحيوانِ

وسمعت قرع نعالهم من بعدما** وضعوك في البيت الصغير الثاني

فيه الظلام كذا السكون مخيم** والروح رد وجاءك الملكانِ

وهنا الحقيقة والمحقق قد أتى** هذا مقام النصر والخذلانِ

إن كنت في الدنيا لربك مخلصاً** تدعوه بالتوحيد والإيمانِ

فتظل ترفل في النعيم مرفهاً** بفسيح قبر طاهر الأركانِ

ولك الرفيق عن الفراق مسلياً** يغني عن الأحباب والأخدانِ

فتحت عليك من الجنان نوافذ ** تأتيك بالأنوار والرَّيحان

وتظل منشرح الفؤاد منعماً ** حتى يقوم إلى القضا الثقلان

تأتي الحساب وقد فتحت صحيفة ** بالنور قد كتبت وبالرضوان

وترى الخلائق خائفين لذنبهم ** وتسير أنت بعزة وأمان

ويظلك الله الكريم بظله ** والناس في عرق إلى الآذان

وترى الصراط وليس فيه صعوبة ** كالبرق تعبر فيه نحو جِنان

فترى الجِنان بحسنها وجمالها ** وترى القصور رفيعة البنيان

طب في رغيد العيش دون مشقة ** تكفي مشقة سالفِ الأزمان

والبس ثياب الخلد واشرب واغتسل ** وابعد عن الأكدار والأحزان

سر وانظر الأنهار واشرب مائها ** من فوقها الأثمار في الأفنان

والشَّهد جار في العيون مطهر ** مع خمرة الفردوس والألبان

والزوج حور في البيوت كواعب ** بيض الوجوه خوامص الأبدان

أبكار شبه الدر في أصدافه ** واللؤلؤ المكنون والمرجان

وهنا مقر لا تَحوُّلَ بعده ** فيه السرور برؤية الرحمن

أما إذا ما كنت فيها مجرماً ** متتبعا لطرائق الشيطان

ثكلتك أمك كيف تحتمل الأذى ** أم كيف تصبر في لظى النيران

فإذا تفرق عنك صحبك وانثنى ** حمّال نعشك جاءك الملكان

جاءاك مرهوبين من عينيهما ** ترمى بأشواظ من النيران

سألاك عن رب قدير خالق ** وعن الذي قد جاء بالقرآن

فتقول لا أدري وكنت مصدقاً ** أقوال شبه مقالة الثقلان

فيوبخانك بالكلام بشدة ** وسيضربانك ضربة السجان

فتصيح صيحة آسف متوجع ** ويجي الشجاع وذاك هول ثان

ويجي الرفيق فيا قباحة وجهه ** فكأنه متمرد من جان

وتقول يا ويلا أما لي رجعة ** حتى أحل بساحة الإيمان

لو عدتَ للدنيا لعدت لما ما مضى  ** في جانب التكذيب والعصيان

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع الشيخ أحمد المعلم