المقالات

توجيه إلى أئمة المساجد والخطباء عن اجتماع الكسوف والجمعة

2010-07-30



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
الإخوة أئمة وخطباء المساجد وفقهم الله وسدد خطاهم ونفع بعلمهم ودعوتهم
الإخوة الكرام:
أصبح شبه مؤكد أن الشمس سوف تكسف صباح يوم الجمعة القادمة المصادف التاسع والعشرين من شهر محرم، وقد سبق أن خُسف القمر في هذا الشهر، ومثل هذا التتابع في الكسوف لا يقع إلا قليلاً؛ مما يلفت النظر، ويحبذ التوقف عنده؛ لذا فإنني أوصيكم بما يلي:


أولاً: استغلال الحدث في تخويف الناس وإنذارهم غضب الله وبطشه وأليم عقابه، فإن من حِكَم الكسوف والخسوف أن الله تعالى يخوف بهما عباده، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف إذا كثر ذلك وتتابع؟ ولكن دون أن يصل الأمر إلى التهويل الزائد والمبالغة الممجوجة، واستغِلّوا الحدث لدعوة الناس إلى التوبة.


ثانياً: بيِّنوا للناس أنه مهما عُرفت الأسباب وحُددت الأوقات لذلك، فإنه لا يلغي التخويف،قال شيخ الإسلام ابن تيميه –رحمه الله -: ( فبيَّن النبي أن الشمس والقمر لا يكون كسوفهما عن موت أحد من أهل الأرض ولا عن حياته، ونفى أن يكون للموت والحياة أثراً في كسوف الشمس والقمر وأخبر أنهما من آيات الله وأنه يخوف عباده . فذكر أن من حكمة ذلك تخويف العباد كما يكون تخويفهم في سائر الآيات كالرياح الشديدة والزلازل والجدب والأمطار المتواترة ونحو ذلك من الأسباب التي قد تكون عذاباً كما عذب الله أمماً بالريح والصيحة والطوفان، وقال تعالى: ( فكلاً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا ) وقد قال: ( وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ) وإخباره بأنه يخوِّف عباده بذلك لعذاب نزل كالريح العاصفة الشديدة، وإنما يكون ذلك إذا كان الله قد جعل ذلك لما ينزل في الأرض ) مجموع الفتاوى ( 35/169 ) و قال أيضاً: ( وهذا بيان منه صلى الله عليه وسلم أنهما سبب لنزول عذاب بالناس فإن الله إنما يخوف عباده بما يخافونه إذا عصوه وعصوا رسله وإنما يخاف الناس مما يضرهم فلولا إمكان حصول الضرر بالناس عند الخسوف ما كان ذلك تخويفاً قال تعالى: ( وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا) وأمر النبي بما يزيل الخوف فأمر بالصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة والعتق حتى يكشف ما بالناس، وصلى بالمسلمين في الكسوف صلاة طويلة ) ( 24/ 258-259 ).
ويقول ابن القيم – رحمه الله – : ( نعم لا ننكر أن الله سبحانه يحدث عند الكسوفين من أقضيته وأقداره ما يكون بلاء لقوم ومصيبة لهم ويجعل الكسوف سبباً لذلك ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم عند الكسوف بالفزع إلى ذكر الله والصلاة والعتاقة والصدقة والصيام لأن هذه الأشياء تدفع موجب الكسف الذي جعله الله سبباً لما جعله فلولا انعقاد سبب التخويف لما أمر بدفع موجبه بهذه العبادات ) مفتاح دار السعادة ( 2/210 ).

 

ثالثاً : لو أنكم نبَّهتم الناس رجالاً ونساء مساء الخميس لاحتمال وجود الكسوف حتى يستعدوا؛ لأن عادة كثير من الناس أنهم يوم الجمعة يتأخرون في القيام من النوم؛ لذا ينبغي تنبيههم باحتمال ذلك حتى يستعدوا له ولصلاة الجمعة من وقت مبكر، وكذا فتح مصليات النساء إن أمكن ذلك.

رابعاً: ادعوا الناس لصلاة الكسوف بنداء " الصلاة جامعة " كما هو السنة؛ بعد أن يتبين الكسوف وليس بمجرد دخول الوقت الذي حدده الفلكيون؛ لأن العبادات لا تثبت إلا بالأشياء الظاهرة.

خامساً: خففوا الصلاة بعض الشيء وأوجزوا الخطبة كذلك؛ حتى تعطوا فرصة للناس الذين لم يستعدوا للجمعة أن يستعدوا لها، ونبهوهم أن السنة ملازمة ذكر الله والدعاء والاستغفار حتى تنجلي الشمس.

سادساً: خَففوا على الناس كذلك خطبة الجمعة ولا تطيلوها؛ لأن الناس حديثو عهد بالوعظ والتذكير؛ ولئلا يسأم بعضهم ويتسخط من العبادة.

سابعاً: ادعوا الله أن يهدي ضال المسلمين، ويصلح أحوالهم، ويجنبهم الفتن ما ظهر منها ومابطن، وأن يجعل كيد أعداء الإسلام في نحورهم ويردهم عما يريدون بالمسلمين خاسئين، والله تعالى أعلم.


وكتبه أحمد بن حسن المعلم
رئيس منتدى المعلم الثقافي الاجتماعي
26 محرم 1431هـ

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع الشيخ أحمد المعلم