المقالات

أهــــمـــيـــة الأمــــــن

2010-07-30



الشيخ / أحمد بن حسن المعلم المحترم

نهديكم أطيب التحايا

في خضم احتفائنا بمرور العام الأول على تدشين خدماتنا النوعية في مجال الأمن الخاص والحراسة؛ وحرصاً منا على أهمية نشر الثقافة الأمنية في المجتمع؛ فإننا نرفع إلى كريم علمكم أننا بصدد إصدار نشرة توعوية أمنية بعنوان ( أمن المجتمع ) بإجمالي ثمانية ألف نسخة وستوزع مجاناً خلال الشهر الفضيل، وآملين من سيادتكم التكرم بمشاركة مكتوبة نطرز بها الإصدار لتسليط الضوء على الأمن في الإسلام

 

النورس  للخدمات الأمنية

الشارع العام –الديس-حي أكتوبر

 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن الأمن قد احتل مرتبة متقدمة وحاز اهتماماً كبيراً في الإسلام، بل في جميع الأديان السماوية جميعها؛ ولذلك فإن مما اجتمعت عليه الشرائع السماوية الكليات الخمس التي هي: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ المال، وحفظ النسل، أي توفير الحماية الكاملة لهذه الكليات ، وذلك بتشريع الأحكام المؤدية إلى أمن الناس على هذه الكليات؛ ومن أجل ذلك وضعت الحدود في الإسلام حتى يأمن الناس على تلك الكليات، ويرتدعُ من تُسوِّل له نفسه بالإخلال بأمنهم في تلك الجوانب المهمة من حياتهم.

وقد شنع القرآن على من تعرض لنفس بريئة بالقتل، فصوره وكأنه قد قتل الناس جميعاً فقال تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ) وجعل ترويع الآمنين وقطع سبل المسافرين الآمنين حرباً لله ولرسوله، وسعياً بالإفساد في الأرض، ورتب على ذلك أقسى العقوبات فقال سبحانه: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )

ووصف إقامة القصاص بالحياة المطلقة الشاملة فقال تعالى: ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ).

وقرر أن قطع يد السارق والسارقة جزاءاً ونكالاً، فالجزاء للسارق نفسه بما فعل والنكال له ولغيره أي تحذيراً من تكرار ذلك الفعل.

كما أن الإسلام مجَّد الأمن وأعلى من شأنه فامتنَّ به على قريش فقال تعالى: (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ) وقال جل وعلا: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ) وفي المقابل جعل نقص الأمن عقوبة لمن كفر بنعمته فقال تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ) وانظر كيف قرن الله تعالى بين الأمن وازدهار التجارة وتوفر الاقتصاد وبين الجوع والخوف؛ مما يؤكد أنه لا نماء ولا استقرار ولا ازدهار اقتصادي إلا في ظل توفر الأمن، فرأس المال جبان لا يمكن أن يستقر في موضع مضطرب يسوده الخوف والإرهاب.

ولهذا فإن من أعظم وظائف الحاكم في الإسلام توفير الأمن لرعيته وإقامة العدل بينهم، قال تعالى: ( الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ).

ومع أهمية جميع التدابير واتخاذ كافة الإجراءات الإدارية والتشريعية لحماية الأمن بشرط بنائها على الأسس الشرعية في حفظ الأمن واستقراره، إلا أنه يبقى العامل الأكبر لتحقيق الأمن وتوفيره هو إيمان الناس بربهم وخوفهم منه وإخلاص التوحيد له سبحانه وتعالى؛ وبذلك يكون الأمن الطبيعي غير المتكلف والذي ينبعث من النفوس ويظل ثابتاً وملازماً للناس في حال وجود الرقابة البشرية أو عدمها، كما تكرر ذلك في فترات كثيرة من التاريخ حين يسود الإيمان، قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) قال المفسرون: أي في ظل توفر الإيمان الكامل والتوحيد الخالص يتوفر الأمن الكامل في الدنيا والآخرة، وبمقدار ما ينقص من ذلك ينقص الأمن، فعلى الأمة مع سعيها لوضع الوسائل المادية لتوفير الأمن، أن تسعى لتوفير الوسيلة الأهم لذلك وهي خوف الناس من ربهم وصدق إيمانهم به وتمام مراقبتهم له.

اللهم آمنا في أوطاننا، وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع الشيخ أحمد المعلم