الخطب والمحاضرات

غداً تبدأ الدراسة

2010-01-27



غداً تبدأ الدراسة
11/8/1428هـ
مسجد خالد بن الوليد


الحمد لله الذي جعل العلم حياة الأمم و الشعوب، عليه تقوم الدول وتشاد الحضارات, ويتغلب على عوائق التقدم والعقبات، ويرفع الجهلُ والظلمات، وتحل به السعادة والمسرات, إذا استقام منهجه، وقوِّم اعوجاجه، وأسرجت من نور الوحي مصابيحه وأضاء سراجه، ورُبي على موائد الذكر طلابه، وتدرع بالجد والإخلاص معلموه وأربابه.
والصلاة والسلام : على من أوصى بطلاب العلم خير وصية، ليتمكنوا من أخذ وفهم دانيه وقصيه، صلى الله عليه وعلى البررة الكرام، وصحبه مصابيح الظلام، وعلى من تبعهم بإحسان وعلى سبيلهم استقام,وأشهد أن لا إله إلا لله شهادة أرجوا بها الفوز العظيم، والجوار الكريم في جنات النعيم، وأشهد أن محمداً عبده المصطفى ونبيه المقتفى وخليله المرتضى، شهادة تجعل قائلها من أهل شفاعته، والمتحققين بإتباعه وطاعته.
-الوصية بالتقوى:
عباد الله :
غداً تبدأ الدراسة، والكل يتهيأ لها، فالأمة كلها معنية بهذا الحدث ومتفاعلة معه:
الدولة - ممثلة بوزارة التربية والتعليم – الإعلام – الإرشاد والوعظ – الخطباء – المجتمع أسر وطلاب.
إن هذا التفاعل الكبير والشامل لدليل على نضج الأمة وتوجهها الواعي نحو أهدافها الصحيحة.
وعلى الجميع استثمار هذا الوعي وهذا التوجه الاستثمار الصحيح، الذي يمكِّنه من بلوغ أهدافه، وذلك: بمراجعة إستراتيجية التعليم مراجعة شاملة، تجعلها منبثقة من ثوابت الأمة وحامية لها، ومحققة لتطلعاتها وآمالها الخيرة ومصالحها العليا، وعلى القائمين على تلك الإستراتيجية أن يتحلوا بالبصيرة النافذة والإخلاص وصدق التوجه والشجاعة الكاملة، بحيث يكون منطلقهم بصدق مصلحه الأمة، وهدفهم رفعها ومجدها وتقدمها؛ وذلك بربطها بمصدر عزها وتمكينها – شريعة الله عز وجل – المحققة لجميع الأهداف السامية الدينية والدنيوية والحضارية و التنموية.
فالله تعالى قد علق سعادة الدنيا والآخرة بالإيمان فقال تعالى: [مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] .
وربط الأمن بالإيمان فقال تعالى: [الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ] .
وشرط لحصول نصره وتأييده للأمة نصرها لله وإقامة شريعته فقال جل ذكره:[وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ{40} الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ{41}] و في المقابل جعل الإعراض عن شرع الله سبباً لهلاك الأمم وتمزيقها، قال تعالى عن أجدادنا السبئيين: [فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ] كما جعل الإعراض سبباً لضنك المعيشة فقال سبحانه: [وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى].
وقرر القرآن الكريم أن المعصية والعدوان وترك إقامة الشريعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب اللعن و الإهانة و الاستذلال في الدنيا و الآخرة، قال سبحانه: [لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ{78} كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ] فالعزة و التمكين والأمن ورخاء المعيشة كله مشروط بطاعة الله و الإيمان به و إقامة شرعه، و الذل والهوان و تسلط الأعداء و ضنك المعيشة و التمزق و افتقار الأمن مرتبط بالإعراض عن دين الله ومعصيته، وترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.
فعلى القائمين على إستراتيجية التعليم مراعاة ذلك، وأخذه بعين الاعتبار إن كانوا مخلصين للوطن حريصين على خيره وخير الأمة. فهذه نصائح و أوامر رب العالمين الذي يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر، فعلينا أن نقبلها ولا نقبل نصائح و توجيهات الذين لا يريدون بنا إلا الشر و الضعف و الهوان، وأن نبقى مستضعفين لهم تابعين أذلاء بين أيديهم وقد حذرنا الله منهم فقال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ{118} هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ{119} إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ{120}]
وإن من أعظم أهداف أعدائنا و التي يعملون على بناء استراتيجيات في بلاد المسلمين تحققها:
1.إبعاد الأجيال عن ربها و دينها.
2.طمس هويتها.
3.تجهيلها.
فعلينا أن نحذر من ذلك أشد الحذر.

الخطبة الثانية
-الحمد و الثناء ، الوصية بالتقوى:
عباد الله:
إن بداية العام الدراسي تذكرنا بمسؤولياتنا العظيمة للأجيال الصاعدة تجاه ذخر الأمة ورصيدها، تجاه طلابنا الأعزاء:
1.وزارة التربية وفروعها.
2.المدارس و الجامعات.
3.الأسرة.
4.الطلاب.
5.المجتمع.
وعلينا أن نؤسس هذا العام ليكون منطلقاً لما بعده: على العصامية، الاعتماد على الله ثم على النفس، أن يكون عاماً حافلاً بالتحصيل الصحيح خالياً من الغش.

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع الشيخ أحمد المعلم