الخطب والمحاضرات

تحديد علاقة المسلمين مع المشركين

2010-02-03



تحديد علاقة المسلمين مع المشركين

مسجد خالد بن الوليد

25/1/1424هـ

- خطبة الحاجة، الوصية بالتقوى:

[كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ{7} كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ{8} اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{9} لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ{10} فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ{11} وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ{12} أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ{13} قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ{14} وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ{15} أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ{16}].

- هذه الآيات نزلت في تحديد علاقة المسلمين مع مشركي مكة، و لكنها صالحة لكل مكان زمان ونوع من أنواع الكافرين.

- يبدأها الله بالتساؤل كيف يكون للمشركين عهد عند الله و عند رسوله؟ أي لا يمكن أن يكون الأمر كذلك، و السبب ما ذكره في الآيات التى بدأها؛ وذلك لأنهم قد امتلأت قلوبهم وصدورهم بالحقد و الحنق على المسلمين، فلو انتصروا عليهم و تمكنوا منهم لم يرقبوا فيهم (إلاً و لا ذمة) أي لم يرعوا فيهم عهداً ولا ذمة.

وإنما حقيقة الحال هو الخداع و التمويه فهم يرضونكم بالأفواه، بالكلام المعسول الخالي عن الحقيقة، أما قلوبهم فتأبى الوفاء لكم بأي عهد أو ذمة لأن أكثرهم فاسقون.

إنهم لا يلقون بالدين أو الوحي أو كلام الله أي بال بل يبيعونه ويشترون به متاع الدنيا.

- ثم يؤكد الحقيقة العظيمة المرة وهي أنهم لا يرقبون في مؤمن إلا و لا ذمة، ويصفهم هذه المرة بالمعتدين.

- ثم يبين المبدأ الإسلامي العظيم و الخلق الرباني الكريم، الذي ينزع الحقد من قلوب المؤمنين: [فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ] لأن عداوة المسلمين لهم إنما لأجل كفرهم وعدوانهم، فلو كفوا عن العدوان ودخلوا في الإسلام انتهت تلك العداوة.

[وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ]

و يأتي الاستفهام الإنكاري للمشككين في قتال هؤلاء الخونة المعتدين الكافرين: [أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ] .

- و يأتي الأمر الحازم الصارم (قاتلوهم) لماذا؟؟: [قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ{14} وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ{15}] لم يأمر بهذه الأوامر ولم يشرع هذا الجهاد ويبين حقيقة ما يجب تجاه الكافرين إلا عن علم بحالهم- وعن حكمة تحدد ما ينبغي وتضع كل شيء في موضعه الصحيح.

- ثم يكشف الله تعالى عن حكمة عظيمة من حكم الابتلاء و المواجهة بين المسلمين والكافرين، هي التفريق بين المؤمنين الصادقين وبين المنافقين و العاملين لمصالحهم، الذين يتخذون من المشركين و الكافرين وليجة أي بطانة يتواصلون معهم ويتآمرون معهم على المسلمين، فهناك صادقون أخلصوا أمرهم لله، وهناك واقفون عند مصالحهم الذاتية الموهومة من أجلها يتقربون إلى الأعداء، و يوالونهم من دون المؤمنين يقول الله تعالى: [أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا] في حال الأمن و السلامة التى لا يبين فيها الصادق من الكاذب والمؤمن من المنافق: [وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ] أي لم يظهر و يتكشف للجميع أما الله فهو عالم بذلك أزلاً وأبداً: [ولمْا يعلم الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ] بصدق وإخلاص [وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا المُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً] أي يتميز هؤلاء ممن اتخذوا تلك الوليجة فيظهروا للجميع أما الله فكما قال [وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ].

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع الشيخ أحمد المعلم