الْمُقَدِّمَة
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِنْعَامِهْ ثُمَّ صَلاةُ اللَّهِ مَعْ سَلامِهْ
عَلَى النَّبِي وَصَحْبِهِ وَآلِهْ وَكُلِّ مَنْ سَارَ عَلَى مِنْوَالِهْ
وَبَعْدُ لَمَّا كَانَ مَتْنُ النُّخْبَهْ مَرْجِعَ أَهْلِ عَصْرِنَا وَالْعُمْدَهْ
إِلَيْهِ عِنْدَ الاخْتِلافْ يُرْجَعُ وَبِالَّذِي يَهْدِي إِلَيْهِ يُقْنَعُ
نَظَمْتُهُ مُسْتَوْعِبًا مَا فِيهِ وَقَدْ أَضَفْتُ نُخَبًا إِلَيْهِ
مِنْ شَرْحِهِ وَمِنْ سِوَاهُ وَلَقَدْ ضَمَّنْتُ مِنْ أَلْفِيَّةِ الزَّيْنِ زُبَدْ
وَبَعْضُهُ نَقَلْتُهُ بِاللَّفْظِ وَمَقْصِدِي تَيْسِيرُهُ لِلْحِفْظِ
وَأَسْأَلُ اللَّهَ الْقَبُولَ وَالرِّضَا وَأَنْ تُفِيدَ مَنْ قَرَا أَوْ حَفِظَا
تَقْسِيمُ الْحَدِيثِ إِلَى: آحَادٍ وَمُتَوَاتِر الْمُتَوَاتِر
لِلْخَبَرِ الْمَنْقُولِ بِالإِسْنَادِ مَرْتَبَتَانِ يَا أَخَا الرَّشَادِ
أَوَّلُهَا: الْمَنْقُولُ بِالتَّوَاتُرِ الْمُوجِبِ الْعِلْمَ لَدَى الْجَمَاهِرِ
وَهْوَ الَّذِي يَرْوِيهِ جَمْعٌ يَمْتَنِعْ فِي الْغَالِبِ الْكِذْبُ عَلَيْهِ قَدْ سَمِعْ
مِنْ مِثْلِهِ وَمِثْلُهُ مِنْ مِثْلِهِ حَتَّى يَرَوْا أَوْ يَسْمَعُوا مِنْ أَصْلِهِ
وَهْوَ إِلَى قِسْمَيْنِ قَالُوا يَنْقَسِمْ إِمَّا بِمَعْنًى أَوْ بِلَفْظٍ قَدْ نُظِمْ
مِثَالُ ذِي اللَّفْظِ حَدِيثُ مَنْ كَذَبْ وَالْمَسْحِ بِالْخُفَّيْنِ بِالْمَعْنَى انْجَلَبْ
الآحَاد
وَالآخَرُ الآحَادُ وَهْوَ مَا نَزَلْ عَنْ رُتْبَةِ الأَوَّلِ إِذْ لَمْ تَكْتَمِلْ
فِيهِ الشُّرُوطُ وَهْوَ أَيْضًا يَنْقَسِمْ إِلَى ثَلاثِ رُتَبٍ كَمَا عُلِمْ
أَوَّلُهَا الْمَشْهُورُ أَوْ قَدْ يُوسَمُ بِالْمُسْتَفِيضِ هَكَذَا قَدْ رَسَمُوا
وَهْوَ الَّذِي مِنْ طُرُقٍ ثَلاثِ أَوْ فَوْقَهَا يَأْتِي بِلا انْتِكَاثِ
ثُمَّ الْعَزِيزُ مِنْ طَرِيقَيْنِ فَقَطْ وَلَيْسَ هَذَا فِي الصَّحِيحِ يُشْتَرَطْ
ثُمَّ الْغَرِيبُ وَهْوَ مَا كَانَ حُصِرْ بِوَاحِدٍ ( كَإِنَّمَا ) عَلَى عُمَرْ
وَقَدْ يَصِحُّ خَبَرُ الآحَادِ أَوْ لا لَدَى النَّاظِرِ فِي الإِسْنَادِ
وَقَدْ يُفِيدُ الْعِلْمَ أَعْنِي النَّظَرِي عَلَى الصَّحِيحِ عَكْسَ قَوْلِ الأَكْثَرِ
تَقْسِيمُ الْحَدِيثِ إِلَى: صَحِيحٍ، وَحَسَنٍ، وَضَعِيف
ثُمَّ الأَحَادِيثُ لَهَا تَصْنِيفُ وَهْوَ صَحِيحٌ حَسَنٌ ضَعِيفُ
مَبَاحِثُ الصَّحِيح
أَمَّا الصَّحِيحُ فَهْوَ مَا يَرْوِيهِ بِلا شُذُوذٍ وَاعْتِلالٍ فِيهِ
الْعَدْلُ ذُو الضَّبْطِ وَذُو الإِتْقَانِ عَنْ مِثْلِهِ مُتَّصِلَ الْبُنْيَانِ
وَاحْذَرْ بِأَنْ تُطْلِقَ تَفْضِيلَ سَنَدْ عَلَى الْجَمِيعِ مُطْلَقًا وَإِنْ وَرَدْ
عَنْ بَعْضِهِمْ إِطْلاقُهُ لَكِنْ يَصِحّْ مُقَيَّدًا كَعَنْ فُلانٍ قَدْ رَجَحْ
ذَلِكُمُ الإِسْنَادُ نَحْوُ ابْنِ عُمَرْ فَمَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ اشْتَهَرْ
ثُمَّ الْبُخَارِي أَوَّلُ الَّذِينَا قَدْ أَفْرَدُوا الصَّحِيحَ أَجْمَعِينَا
وَهْوَ الأَصَحُّ ثُمَّ يَأْتِي مُسْلِمُ فِي زَمَنٍ وَرُتْبَةٍ فَالْمُعْظَمُ
قَالُوا بِذَا لَكِنَّهُ قَدْ فَاقَا إِذْ أَحْسَنَ التَّرْتِيبَ وَالسِّيَاقَا
وَلَمْ يَعُمَّا بَلْ وَلَمْ يَلْتَزِمَا جَمْعَ الصَّحِيحِ حَيْثُ جَاءَ عَنْهُمَا
مَا يَقْتَضِي هَذَا وَكَمْ قَدْ صَحَّحَا فِي خَارِجِ السِّفْرَيْنِ مِمَّا رَجَّحَا
ثُمَّ الَّذِينَ الْتَزَمُوا بَعْدَهُمَا جَمْعَ الصَّحِيحِ لَمْ يَفُوا مِثْلَهُمَا
فَكَانَ لا بُدَّ لَنَا مِنْ نَصِّ مِنْ عَارِفٍ لَمْ يُرْمَ بِالتَّرَخُّصِ
أَوْ بَحْثِ ذِي الْقُدْرَةِ وَالدِّرَايَةِ لِتَسْتَبِينَ صِحَّةُ الرِّوَايَةِ
وَأَرْفَعُ الصَّحِيحِ مَا قَدْ أَخْرَجَا ثُمَّ الْبُخَارِيُّ فَمُسْلِمٌ فَجَا
شَرْطُهُمَا فَالشَّرْطُ لِلْبُخَارِي فَمُسْلِمٌ يَلِيهِ شَرْطُ الْغَيْرِ
وَفِيهِ مِنَ التَّعْلِيقِ لَكِنْ مُسْلِمَا لَيْسَ لَهُ سِوَى حَدِيثٍ عُلِمَا
وَهْوَ بِأَنْ يُحْذَفَ أَوَّلُ السَّنَدْ أَوْ كُلُّهُ فَإِنْ بِجَزْمٍ قَدْ وَرَدْ
فَاقْبَلْهُ أَوْ كَانَ بِتَمْرِيضٍ أَتَى فَلا وَلَكِنْ كَوْنُهُ قَدْ أُثْبِتَا
فِيهِ يُفِيدُ صِحَّةَ الأَصْلِ كَذَا قِيلَ وَلابُدَّ مِنَ الْبَحْثِ لِذَا
وَمَا عَزَا لِشَيْخِهِ الْبُخَارِي بِلَفْظِ ( قَالَ ) فَالْخِلافُ جَارِي
فِيهِ وَلَكِنْ كَوْنَهُ مُعَلَّقَا كَغَيْرِهِ رَجَّحَهُ مَنْ حَقَّقَا
الْحَسَنُ
وَخَبَرُ الْعَدْلِ خَفِيفِ الضَّبْطِ مَعَ الَّذِي قَدَّمْتُهُ مِنْ شَرْطِ
عِنْدَ الصَّحِيحِ سَمِّهِ بِالْحَسَنِ لِذَاتِهِ وَلا تَرَدَّدْ أَوْ تَنِي
وَقَدْ يَصِحُّ بِتَعَدُّدِ الطُّرُقْ لِغَيْرِهِ كَمَتْنِ لَوْلا أَنْ أَشُقّْ
كَذَلِكَ الضَّعِيفُ ضَعْفًا مُنْجَبِرْ حَسِّنْهُ إِنْ وَافَقَهُ مَنْ يُعْتَبَرْ
لِغَيْرِهِ وَمِثْلُهُ يُحْتَجُّ بِهْ مِثْلَ الصَّحِيحِ لا بِنَفْسِ الْمَرْتَبَةْ
وَالْجَمْعُ لِلتَّحْسِينِ وَالتَّصْحِيحْ مِثْلُ ( حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحْ )
فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ فَرْدًا يَحْتَمِلْ رَاوِيهِ لِلأَمْرَيْنِ أَمَّا إِنْ نُقِلْ
بِسَنَدَيْنِ فَلِكُلِّ وَاحِدِ وَصْفٌ مِنَ الْمَذْكُورِ عِنْدَ النَّاقِدِ
وَقَوْلُهُمْ عَنْ كُلِّ مَتْنٍ قَدْ سَكَتْ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ فَالْحُسْنُ ثَبَتْ
لَهُ فَهَذَا مَذْهَبٌ مَعْمُولُ بِهِ وَلَكِنَّ الَّذِي نَقُولُ
بِهِ الَّذِي قَالَ أُولُو التَّحْقِيقِ لا بُدَّ مِنْ بَحْثٍ وَمِنْ تَدْقِيقِ
(وَالْحُكْمُ لِلإِسْنَادِ بِالصِّحَّةِ أَوْ بِالْحُسْنِ دُونَ الْحُكْمِ لِلْمَتْنِ رَأَوْا
وَاقْبَلْهُ إِنْ أَطْلَقَهُ مَنْ يُعْتَمَدْ وَلَمْ يُعَقِّبْهُ بِضَعْفٍ يُنْتَقَدْ)
وَقَوْلُهُمْ رِجَالُهُ ثِقَاتُ لَيْسَ بِهِ لِمِثْلِهِ إِثْبَاتُ
وَمِثْلُهُ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي كَذَا لَيْسَ بِتَصْحِيحٍ فَلا يَغْرُرْكَ ذَا
وَمَا يَزِيدُ رَاوِي الْمَقْبُولِ فَثَابِتٌ عِنْدَ ذَوِي النُّقُولِ
إِنْ لَمْ يُنَافِ مَا رَوَاهُ الأَوْثَقُ وَإِنْ يَكُنْ مُنَافِيًا فَأَطْلَقُوا
فِي الرَّاجِحِ الْمَحْفُوظِ أَمَّا الثَّانِي فَذُو الشُّذُوذِ يَا أَخَا الْعِرْفَانِ
وَإِنْ يُخَالِفْ ثِقَةً ضَعِيفُ فَمُنْكَرٌ وَالثِّقَةُ الْمَعْرُوفُ
وَالْفَرْدُ بِالنِّسْبَةِ إِنْ كَانَ مَعَهْ مُشَارِكٌ فَتِلْكُمُ الْمُتَابَعَةْ
وَإِنْ أَتَى مَعْنَاهُ عَنْ صَحَابِي سِوَى الَّذِي يَرْوِيهِ يَا أَحْبَابِي
فَشَاِهٌد وَالْبَحْثُ لِلأَخْبَارِ عَنْ طُرُقٍ يُسْمَى بِالاعْتِبَارِ
وَالْخَبَرُ الْمَقْبُولُ حَيْثُ يَسْلَمُ مِمَّا يُعَارِضُهْ فَذَاكَ الْمُحْكَمُ
وَإِنْ يُعَارِضْهُ الَّذِي فِي رُتْبَتِهْ إِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ فَقُلْ تَسْمِيَتُهْ
مُخْتَلِفُ الْحَدِيثِ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ وَعُرِفَ التَّارِيخُ فَالْمُبَيَّنْ
أَنَّ الأَخِيرَ نَاسِخٌ وَالأَوَّلُ الْمَنْسُوخُ ثُمَّ دُونَكُمْ مَا فَصَّلُوا
فَيُعْرَفُ النَّسْخُ بِنَصِّ الشَّارِعِ أَوْ صَاحِبٍ مِنْ شَاهِدٍ أَوْ سَامِعِ
كَذَلِكَ التَّارِيخُ أَوْ أَنْ يُجْمِعُوا تَرْكًا لَهُ تَبَيَّنَ النَّسْخُ فَعُوا
الضَّعِيفُ بِسَبَبِ السَّقْطِ فِي الإِسْنَادِ
ثُمَّ الضَّعِيفُ وَهْوَ مَا لَمْ تَجْتَمِعْ فِيهِ شُرُوطُ الْحُسْنِ عِنْدَ الْمُطَّلِعْ
وَالْخَبَرُ الْمَرْدُودُ إِمَّا أَنْ يُرَدّْ بِالسَّقْطِ أَوْ بِالطَّعْنِ فِي بَعْضِ السَّنَدْ
فَالسَّقْطُ إِنْ كَانَ مِنَ الْبِدَايَةْ يُسْقِطُهُ مُصَنِّفٌ لِغَايَةْ
مُعَلَّقٌ يُسَمَّى وَاسْمُ الْوَاقِعِ فِي آخِرِ الإِسْنَادِ بَعْدَ التَّابِعِي
فَمُرْسَلٌ وَإِنْ يَكُنْ بِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا عَلَى الْوِلا سَاقِطَيْنِ
فَمُعْضَلٌ وَإِنْ يَكُنْ سِوَاهُ فَمَنْ يَقُلْ مُنْقَطِعٌ عَنَاهُ
وَالسَّقْطُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بَيِّنَا يُدْرَكُ بِالتَّأْرِيخِ حَيْثُ عُيِّنَا
بِعَدَمِ السَّمَاعِ وَاللِّقَاءِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مِنْ خَفَاءِ
أَوْ خَافِيًا إِنْ كَانَ مِنْ عَصْرِيِّ وَسَمِّهِ بِالْمُرْسَلِ الْخَفِيِّ
التَّدْلِيسُ
وَمِثْلُهُ مُدَلَّسٌ إِنْ جَاءَ بِصِيغَةٍ تَحْتَمِلُ اللِّقَاءَ
أَمَّا إِذَا صَرَّحَ بِالتَّدْلِيسِ بِالسَّمْعِ فَاقْبَلْهُ بِلا تَلْبِيسِ
إِنْ كَانَ مَوْثُوقًا بِهِ كَالأَعْمَشِ وَابْنِ جُرَيْجٍ حَيْثُ زَالَ مَا خُشِي
وَقَسَّمُوا التَّدْلِيسَ أَقْسَامًا كُثُرْ أَهَمُّهَا ثَلاثَةٌ كَمَا شُهِرْ
تَدْلِيسُ إِسْنَادٍ بِأَنْ يَحْذِفَ مَنْ حَدَّثَهُ بِعَنْ وَأَنْ
هَذَا بِشْرْطِ كَوْنِهِ قَدْ سَمِعَا مِنْ شَيْخِ شَيْخِهِ كَمَا قَدْ وَقَعَا
وَالثَّانِي تَدْلِيسُ الشُّيُوخِ أَنْ يَصِفْ الشَّيْخَ بِالْوَصْفِ الَّذِي لا يَنْعَرِفْ
بِهِ وَشَرُّ هَذِهِ التَّسْوِيَهْ إِذْ يُسْقِطُ الْوَاهِي لأَجْلِ التَّعْمِيَهْ
مِنْ بَيْنِ مَوْصُوفَيْنِ حَقًّا بِالثِّقَهْ كِلاهُمَا قَرِينَةٌ قَدْ لَحِقَهْ
لأَجْلِ ذَا رُدَّ مَعَ التَّحْدِيثِ مَا لَمْ يَصِلْ لِصَاحِبِ الْحَدِيثِ
الْمَوْضُوعُ
وَالطَّعْنُ إِنْ كَانَ لِكِذْبِ الرَّاوِي فَذَلِكَ الْمَوْضُوعُ ذُو الْمَسَاوِي
وَهْوَ الَّذِي يَحْرُمُ أَنْ يَرِويِهِ مَنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ لآخِذِيهِ
(وَيُعْرَفُ الْوَضْعُ بِالاقْرَارِ وَمَا نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ وَرُبَّمَا)
( يُعْرَفُ بِالرِّكَّةِ ) فِي أَلْفَاظِهِ أَوْ فِي مَعَانِيهِ لَدَى حُفَّاظِهِ
الْمَتْرُوكُ وَالْمُنْكَرُ
أَوْ كَانَ بِالتُّهْمَةِ أَعْنِي بِالْكَذِبْ فَذَلِكَ الْمَتْرُوكُ فَاحْذَرْ وَاجْتَنِبْ
وَالْفِسْقُ وَالْغَفْلَةُ أَوْ فُحْشُ الْغَلَطْ فَمُنْكَرٌ حَدِيثُهُمْ بِلا شَطَطْ
فِي قَوْلِ مَنْ لَمْ يَشْرِطِ الْمُخَالَفَةْ كَمَا ذَكَرْتُ فِي الْفُصُولِ السَّالِفَةْ الْمُعَلَّلُ
وَالْوَهْمُ إِنْ كَانَ خَفِيًّا وَلَحِقْ عَلَيْهِ بِالْبَحْثِ وَتَجْمِيعِ الطُّرُقْ
فَسَمِّهِ مُعَلَّلاً كَمَنْ وَصَلْ مَا أَرْسَلُوا أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْعِلَلْ
الْمُخَالَفَةُ وَلَهَا صُوَرٌ هِيَ:
الْمُدْرَجُ، الْمَقْلُوبُ، الْمَزِيدُ فِي مُتَّصِلِ الأَسَانِيدِ، الْمُضْطَرِبُ، الْمُصَحَّفُ، الْمُحَرَّفُ
وَضَعَّفُوا بِعِلَّةِ الْمُخَالَفَةْ فِي صُوَرٍ إِلَيْكَ مِنْهَا طَائِفَةْ
فَمُدْرَجُ الإِسْنَادِ إِذْ يُغَيِّرُوا سِيَاقَهُ كَأَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ
فِي الأَصْلِ مَتْنَانِ بِإِسْنَادَيْنِ يَرْوِيهِمَا رَاوٍ عَنِ الشَّيْخَيْنِ
ثُمَّ يُجِيءُ بَعْضُهُ وَبِالْغَلَطْ فَيَنْقِلُ الْكُلَّ بِإِسْنَادٍ فَقَطْ
وَمُدْرَجُ الْمَتْنِ كَمَنْ يُلْحِقُ فِي مَتْنِ الْحَدِيثِ قَوْلَ بَعْضِ السَّلَفِ
وَبَعْدَهُ الْمَقْلُوبُ وَهْوَ يَنْقَسِمْ قِسْمَيْنِ فِي الْمَتْنِ بِإِبْدَالِ الْكَلِمْ
أَوْ لا بِتَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ لَهُ كَقَوْلِهِ مَا أَنْفَقَتْ شِمَالُهُ
وَالْقَلْبُ لِلإِسْنَادِ إِبْدَالُ أَبِ عَنِ ابْنِهِ أَوْ غَيْرِهِ كَكَعْبِ
أَيِ ابْنِ مُرَّةَ يُقَالُ مُرَّةْ أَيِ ابْنُ كَعْبٍ غَفْلَةً أَوْ غِرَّةْ
وَإِنْ يَزِدْ فِي سَنَدٍ مُتَّصِلِ رَاوٍ لِوَهْمٍ أَوْ سِوَاهُ فَقُلِ
هَذَا الْمَزِيدُ غَيْرَ أَنَّ الْقَيْدَا أَنْ يَقَعَ التَّحْدِيثُ حَيْثُ زِيدَا
وَإِنْ يَقَعْ إِبْدَالُ رَاوٍ فِي سَنَدْ فَسَمِّهِ مُضْطَرِبًا إِنْ لَمْ تَجِدْ
مُرَجِّحًا لِجَانِبٍ فَإِنْ يَكُنْ فَالْحُكْمُ لِلرَّاجِحِ عَنْ مَنْ فَطُنْ
وَقَدْ يَجِي الإِبْدَالُ لاخْتِبَارِ كَمَا جَرَى لِمُبْتَلِي الْبُخَارِي
(فِي مِائَةٍ لَمَّا أَتَى بَغْدَادَ فَرَدَّهَا وَجَوَّدَ الإِسْنَادَا)
وَإِنْ أَتَى التَّغْيِيرُ لِلْحُرُوفِ فِي نَقْطِهَا فَسِمْهُ بِالتَّصْحِيفِ
وَإِنْ يَكُنْ فِي الشَّكْلِ فَالْمُحَرَّفُ وَالنَّقْلُ بِالْمَعْنَى لِمَنْ لا يُعْرَفُ
مُحَرَّمٌ فَلا يُغَيِّرْ مَتْنَا بِنَقْصٍ اوْ مُرَادِفٍ لَكِنَّا
إِنْ عُرِفَ الْمُرَادُ بِالأَلْفَاظِ جَازَ لَهُ كَجِلَّةِ الْحُفَّاظِ
وَحِينَمَا يُشْكِلُ مَعْنَى مَتْنِ أَوْ بَعْضِهِ فَارْجِعْ لأَهْلِ الْفَنِّ
فَحِينَ يَخْفَى اللَّفْظُ فَالِهِدَايَةْ فِي كُتُبِ الْغَرِيبِ كَالنِّهَايَةْ
أَوْ كَانَ مَدْلُولاتُهُ لَمْ تَنْجَلِ فَارْجِعْ إِلَيْهِ فِي بَيَانِ الْمُشْكِلِ
الْجَهَالَةُ
ثُمَّ الْجَهَالَةُ وَفِيهَا جُمْلَةُ مِثْلُ كَوْنِهِمْ قَدْ نَعَتُوا
رَاوٍ بِأَوْصَافٍ لَهُ كَثِيرَةْ وَاجْتَنَبُوا صِفَاتِهِ الشَّهِيرَةْ
لأَجْلِ هَذَا صَنَّفُوا الْمُوَضِّحَا لِيَسْتَبِينَ حَالُهُ وَيُشْرَحَا
أَوْ لا يَكُونُ مُكْثِرًا فِيمَا رَوَى عَنْهُ سِوَى رَاوٍ وَحِيدٍ لا سِوَى
وَهْوَ الَّذِي يُعْرَفُ بِالْوِحْدَانِ صَنَّفَ فِيهِ مُسْلِمٌ ذُو الشَّانِ
وَمِنْهُ أَنْ يُبْهَمَ رَاوٍ فِي السَّنَدْ كَقَوْلِهِمْ زَوْجُ فُلانٍ أَوْ وَلَدْ
فُلانٍ اوْ عَنْ ثِقَةٍ أَوْ شَيْخُ وَلِلْخَطِيبِ صَاحِبُ التَّارِيخِ
فِيهِ كِتَابٌ وَكَذَا الْعِرَاقِ أَعْنِي الْوَلِيَّ طَيِّبَ الأَعْرَاقِ
وَرَدُّهُ وَإِنْ بِتَعْدِيلٍ وُصِفْ عَلَى الأَصَحِّ مِنْ أَقَاوِيلِ السَّلَفْ
ثُمَّ الَّذِي لَمْ يَرْوِ غَيْرُ وَاحِدْ عَنْهُ وَمَا وَثَّقَهُ مِنْ نَاقِدْ
مَجْهُولُ عَيْنٍ أَوْ رَوَى إثْنَانِ فَصَاعِدًا عَنْهُ بِلا إِتْيَانِ
تَوْثِيقٌ فِيهِ فَاسْمُهُ الْمَجْهُولُ حَالٍ وَمَسْتُورٌ بِهَذَا قُولُوا
الْبِدْعَةُ
وَمَنْ أَتَى بِبِدْعَةٍ مُكَفِّرَةْ فَرُدُّهُ فَذَاكَ قَوْلُ الْجَمْهَرَةْ
أَوْ لَمْ تُكَفِّرْهُ وَلَكِنْ فُسِّقَا فَفَصَّلُوا وَلَمْ يُرَدَّ مُطْلَقَا
فَقَبِلُوا مَنْ لَمْ يَكُنْ دَاعٍ لَهَا وَلَمْ يَجِئْ بِمَا يُقَوِّي قَوْلَهَا
هَذَا الأَصَحُّ وَإِلَيْهِ جَنَحَا الْجُوزَجَانِي بَلْ بِهِ قَدْ صَرَّحَا
سُوءُ الْحِفْظِ
هَذَا وَسُوءُ الْحِفْظِ إِنْ هُو لازَمَا صُاحِبَهُ فَبِالشُّذُوذِ وَسَمَا
بَعْضُهُمُ وَإِنْ عَلَيْهِ طَرَآ فَسَمِّهِ مُخْتَلِطًا وَقَدْ رَأَى
أَهْلُ الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا يُقْبَلُ مَنْ عَنْهُ فِي حَالِ الثَّبَاتِ يَنْقُلُ
وَمَنْ رَوَى عَنْهُ لَدَى التَّغَيُّرِ فَرُدُّهُ كَذَاكَ مَنْ لَمْ يَظْهَرِ
فِي أَيِّ حَالَيْهِ رَوَى ثُمَّ اسْمَعَا بِأَنَّ سَيِّئَ الْحِفْظِ حَيْثُ تُوبِعَا
عَلَيْهِ مِنْ مُعْتَبَرٍ غَيْرِ تَقِي حَدِيثُهُ لِلْحُسْنِ وَهْوَ يَلْتَقِي
فِي ذَا مَعَ الْمَسْتُورِ وَالْمُدَلِّسِ وَمُرْسِلٍ فَاعْمَلْ بِهِ وَاسْتَأْنِسِ
الْمَرْفُوعُ
(وَسَمِّ مَرْفُوعًا مُضَافًا لِلنَّبِي) تَصْرِيحًا أَوْ حُكْمًا كَقَوْلِ الأَغْلَبِ
مِنَ الصَّرِيحِ قَوْلُهُ وَالْفِعْلُ تَقْرُيرُهُ وَالْوَصْفُ حِينَ يَجْلُ
ثُمَّ مِنَ الْحُكْمِ قَوْلُ الصَّاحِبِ هَذَا مِنَ السُّنَّةِ عِنْدَ الْغَالِبِ
كَذَا أُمِرْنَا وَنُهِينَا وَكَذَا مَا لا مَجَالَ فِيهِ لِلرَّأْيِ إِذَا
كَانَ الَّذِي يَرْوِيهِ غَيْرَ آخِذِ عَنِ الْكِتَابِيِّينَ كُلٌّ يَحْتَذِي
الْمَوْقُوفُ
وَسَمِّ بِالْمَوْقُوفِ قَوْلَ الصَّاحِبِ وَفِعْلَهُ وَهْوَ الَّذِي لاقَى النَّبِي
وَهْوَ عَلَى الإِيمَانِ ثَُمَّ مَاتَ عَلَيْهِ لَوْ بِرِدَّةٍ كَانَ أَتَى
عَلَى الصَّحِيحِ ثُمَّ قَوْلُ التَّابِعِ وَهْوَ الَّذِي لاقَى الصَّحَابِيَّ فَعِي
وَفِعْلُهُ الْمَقْطُوعُ ثُمَّ دُونَهُ كَمِثْلِهِ فِي ذَاكَ يُطْلِقُونَهُ
وَسُمِّيَ الْمَوْقُوفُ وَالْمَقْطُوعُ بِأَثَرٍ قَالَتْ بِهِ الْجُمُوعُ
الْمُسْنَدُ
وَمُسْنَدٌ مَا رَفَعَ الصَّحَابِي بِسَنَدٍ مُتَّصِلِ الأَسْبَابِ
فِي ظَاهِرِ الأَمْرِ وَلَوْ كَانَ خَفِي فِيهِ انْقِطَاعٌ حَسْبَ عُرْفِ السَّلَفِ
الْعَالِي وَالنَّازِلُ
وَإِنْ يَقِلَّ عَدَدُ الرِّجَالِ فِي سَنَدٍ فَسَمِّهِ بِالْعَالِي
وَهْوَ عَلَى قِسْمَيْنِ أَمَّا الْمُطْلَقُ فَهْوَ الَّذِي إِلَى النَّبِيِّ يُلْحَقُ
وَإِنْ إِلَى ذِي صِفَةٍ عَلِيَّهْ كَشُعْبَةٍ ذِي السِّيرَةِ الْمَرْضِيَّةْ
فَذَاكَ نِسْبِيٌّ فَإِنْ كَانَ إِلَى مُصَنِّفٍ لِلأُمَّهَاتِ مَثَلا
(فَإِنْ يَكُنْ فِي شَيْخِهِ قَدْ وَافَقَهْ مَعَ عُلُوٍّ فَهُوَ الْمُوَافَقَهْ
أَوْ شَيْخِ شَيْخِهِ كَذَاكَ فَالْبَدَلْ وَإِنْ يَكُنْ سَاوَاهُ عَدًّا قَدْ حَصَلْ
فَهْوَ الْمُسَاوَاةُ وَحَيْثُ رَاجَحَهْ فَالأَصْلُ بِالْوَاحِدِ فَالْمُصَافَحَةْ )
وَقَابِلِ الْعُلُوَّ بِالنُّزُولِ فِي سَائِرِ الأَقْسَامِ وَالنُّقُولِ
رِوَايَةُ الأَقْرَانِ، وَالأَكَابِرِ عَنِ الأَصَاغِرِ، وَالآبَاءِ عَنِ الأَبْنَاءِ
رِوَايَةُ الأَقْرَانِ أَخْذُ الْقِرْنِ عَنْ مِثْلِهِ أَيْ فِي اللِّقَا وَالسِّنِّ
فَإِنْ رَوَى عَنْهُ الْقَرِينُ الآخَرُ فَسَمِّهِ مُدَبَّجًا يَا ظَافِرُ
(وَإِنْ رَوَى الْكَبِيرُ عَنْ ذِي الصِّغَرِ) فَسَمِّهِ رِوَايَةَ الأَكَابِرِ
عَنْ عَكْسِهِمْ وَمِنْهُ أَنْ يَرْوِي الأَبُ عَنِ ابْنِهِ وَعَكْسُ هَذَا الأَغْلَبُ
وَمِنْهُ أَنْ يَرْوِي حَفِيدٌ عَنْهُ بِهْ عَنْ جَدِّهِ وَمِثْلُهُ يُفْخَرُ بِهْ
السَّابِقُ وَاللاَّحِقُ
وَإِنْ رَوَى اثْنَانِ لِشَيْخٍ وَسَبَقَ مَوْتُ الْقَدِيمِ مِنْهُمَا ثُمَّ اتَّفَقْ
تَأَخُّرُ الثَّانِي بِأَمْرِ الَخَالِقْ فَسَمِّهِ سَابْقٌ وَلاحِقْ
الْمُهْمَلُ
وَإِنْ رَوَى مُشْتَبِهَانِ فِي اسْمِ عَنْ وَاحِدٍ وَأَشْكَلا فِي الْفَهْمِ
يُمَيَّزُ الْمُهْمَلُ بِاللُّزُومِ مِنْ وَاحِدٍ لِذَلِكَ الْمَعْلُومِ
مَنْ حَدَّثَ وَنَسِيَ
وَالشَّيْخُ إِنْ نَفَى الَّذِي حَدَّثَ بِهْ فَإِنْ بِجَزْمٍ رُدَّ أَوْ لا فَارِضَ بِهْ
عَلَى الصَّحِيحِ كَسُهَيْلٍ إِذَ رَضِي مَا قَالَهُ رَبِيعَةٌ لَمَّا نَسِي
الْمُسَلْسَلُ
ثُمَّ الرُّوَاةُ إِنْ يَكُونُوا اتَّفَقُوا فِي صِيَغٍ عِنْدَ الأَدَا أَوْ نَطَقُوا
عِبَّارَةً وَاحِدَةً كَ( رَتَّلا ) عِنْدَ الأَدَا فَسَمِّهِ الْمُسَلْسَلا
صِيَغُ الأَدَاءِ
وَلِلأَدَاءِ صِيَغٌ مُرَتَّبَهْ لِكُلِّ مِنْهَا مَوْضِعٌ وَمَرْتَبَهْ
وَهْيَ ثَمَانِ رُتَبٍ أَعْلاهَا سَمِعْتُهُ حَدَّثَنِي أُولاهَا
أَصْرَحُهَا أَرْفَعُهَا فِي الإِمْلا لِسَامِعٍ عَلَى انْفِرَادِ إِلاَّ
أَنْ يَجْمَعَنْ حِينَ الأَدَا ضَمِيرَهُ فَيُشْعِرُ بِأَنَّ مَعْهُ غَيْرَهُ
ثَالِثُهَا أَخْبَرَنِي فَالرَّابِعُ قَرَأْتُ وَالشَّيْخُ لَنَا يُتَابِعُ
وَذَاكَ فِي الْعَرْضِ فَإِنْ كَانَ جَمَعْ ضَمِيرَهُ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ مَعْ
سِوَاهُ وَالْخَامِسُ قَوْلُهُ قُرِي عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي ذَا الْمَحْضَرِ
وَالْعَرْضُ فِي الْقُوَّةِ كَالسَّمَاعِ وَضَعَّفُوا مَا فِيهِ مِنْ نِزَاعِ
سَادِسُهُنَّ قَوْلُهُ أَنْبَأَنَا وَهْيَ تُسَاوِي قَوْلَهُ أَخْبَرَنَا
إِلاَّ إِذَا أَطْلَقَهَا مُتَأَخِّرُ فَإِنَّهُ إِجَازَةٌ تُعْتَبَرُ
وَقَبِلُوا عَنْعَنَةَ الْمُعَاصِرِ مَا لَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا فِي الظَّاهِرِ
وَقِيلَ: لابُدَّ مِنَ اللِّقَاءِ لَوْ مَرَّةً فِي أَظْهَرِ الآرَاءِ
قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَالْعَمَلْ عِنْدَ الْكَثِيرِينَ بِهِ قَطْعًا يَقِلّْ
ثَامِنُهَا مَا كَانَ لِلإِجَازَهْ كَقَوْلِهِمْ شَافَهَنِي إِجَازَهْ
وَمِثْلُهَا كَاتَبَنِي وَهْيَ لَهَا عِنْدَ الأَخِيرِينَ فَإِنْ يَكُ قَالَهَا
مُتَقَدِّمٌ فَإِنَّهَا فِيمَا كَتَبْ بِهِ إِلَيْهِ الشَّيْخُ مِنْ قَوْلٍ طُلِبْ
شُرُوطُ الْمُنَاوَلَةِ، وَالإِعْلامِ، وَالْوِجَادَةِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَالإِجَازَةِ
وَاشْتَرَطُوا فِي صِحَّةِ الْمُنَاوَلَةْ الإِذْنَ بِالتَّحْدِيثِ مِمَّنْ نَاوَلَهْ
وَهْيَ أَجَلُّ رُتَبِ الإِجَازَهْ وَاشْتَرَطُوا كَذَاكَ أَنْ يُجِيزَهْ
أَنْ يَرْوِيَ الإِعْلامَ وَالْوِجَادَهْ كَذَا وَصِيَّتَهْ لِمَنْ أَرَادَهُ
فَلا تَصِحُّ إِنْ خَلَتْ عَنْ إِذْنِ وَقَوْلُهُ وِجَادَةً فَيَعْنِي
أَنْ لا يَقُولَ هَذَا أَخْبَرَنِي مَا دَامَهَا قَدْ عَرِيَتْ عَنْ إِذْنِ
أَمَّا وَجَدْتُ عَنْ فُلانٍ فَلَهُ وَجُلُّهُمْ فِي هَذِهِ يَفْعَلُهُ
ثُمَّ إِذَا عَمَّمَ فِي الإِجَازَةْ كُلَّ الْمُسْلِمِينَ مَنَعُوا جَوَازَهْ
كَذَلِكَ الْمَجْهُولُ وَالْمَعْدُومْ عَلَى الأَصَحِّ مِنْ كَلامِ الْقَوْمْ
الْمُتَّفِقُ وَالْمُفْتَرِقُ
وَعَرَّفُوا الْمُتَّفِقَ وَالْمُفْتَرِقْ بِأَنَّهُ حَيْثُ الرُّوَاةُ تَتَّفِقْ
بِالاسْمِ وَاسْمِ الأَبِ لا فِي الشَّخْصِ فَمِزْهُ وَاسْلَمْ مِنْ أَذَىً أَوْ غَمْصِ
نَحْوُ الْخَلِيلِ، وَأَبُوهُ أَحْمَدُ فَسِتَّةً عِنْدَهُمُ قَدْ وَجَدُوا
الْمُؤْتَلِفُ وَالْمُخْتَلِفُ
وَعَرَّفُوا الْمُؤْتَلِفَ وَالْمُخْتَلِفْ مَا اتَّفَقُوا فِي الْخَطِّ لَكِنْ يَخْتَلِفْ
فِي النُّطْقِ فِي الأَنْسَابِ وَالأَعْلامِ مِثَالُهُ سَلاَّمُ مَعْ سَلامِ
الْمُشْتَبِهُ
وَسُمِّيَ بِالْمُشْتَبِهِ مَا اتَّفَقْ فِي الاسْمِ لَكِنَّ أَبَاهُ يَفْتَرِقْ
أَوْ عَكْسُهُ كَذَا إِذَا مَا اتَّفَقَا فِي الاسْمِ وَاسْمِ الأَبِ ثُمَّ افْتَرَقَا
فِي نِسْبَةٍ أَوْ مِنْهُ أَنْوَاعٌ تَقَعْ حَسْبَ اخْتِلافٍ فِي الْحُرُوفِ قَدْ تَسَعْ
مَوَالِيدُ الرُّوَاةِ، وَوَفَيَاتُهُمْ وَطَبَقَاتُهُمْ، وَأَوْطَانُهُمْ
وَلْتَعْتَنِ بِطَبَقَاتِ النَّقَلَهْ وَهْوَ مُهِمٌّ فَاحْذَرَنْ أَنْ تَجْهَلَهْ
كَذَا مَوَالِيدُ الرُّوَاةِ أَيْضَا مَعَ الْوَفَيَاتِ وُقِيتَ غَيْظَا
كَذَلِكَ الْبُلْدَانُ وَالدِّيَارُ حَيْثُ عَلَيْهَا يَكْثُرُ الْمَدَارُ
فَهَذِهِ الأَرْبَعَةُ الأُمُورُ جَاهِلُهَا يَخْلِطُ أَوْ يَجُورُ
الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ
وَاعْنَ بِأَحْوَالِ الرُّوَاةِ وَاقْرَا جَرْحًا وَتَعْدِيلاً فَذَاكَ أَحْرَى
أَنْ تَعْرِفَ الْمَقْبُولَ وَالْمَرْدُودَا وَأَنْ تَصِيرَ عَلَمًا مَعْدُودَا
وَاعْلَمْ بِأَنَّ رُتَبَ التَّعْدِيلِ أَرْفَعُهَا مَا صِيغَ لِلتَّفْضِيلِ
كَأَوْثَقِ النَّاسِ فَمَا أَكَّدْتَهُ بِصِفَةٍ أَوْ صِفَتَيْنِ زِدْتَهُ
كَقَوْلِهِمْ ذَا ثِقَةٌ ثِقَهْ أَوْ ثِقَةٌ حَافِظٌ اوْ مَا يْلَحَقُهْ
هَذَا وَأَدْنَاهَا كَلَفْظِ شَيْخِ لِقُرْبِهِ مِنْ رُتَبِ التَّجْرِيحِ
وَالْجَرْحُ فِيهِ رُتَبٌ أَسْوَاهَا مَا صِيغَ مِنْ أَفْعَلَ ذَا أَوْهَاهَا
كَأَكْذَبِ النَّاسِ فَدَجَّالٌ كَذَا وَضَّاعٌ اوْ كَذَّابُ مَا أَسْوَأَ ذَا
وَأَسْهَلُ التَّجْرِيحِ وَصْفُ اللِّينْ وَسَيِّئُ الْحِفْظِ فَلا تَوْهِينْ
كَذَاكَ مَنْ فِيهِ مَقَالٌ وَاقْبَلِ مِنْ هَؤُلاءِ لاعْتِضَادٍ حَاصِلِ
وَقَبِلُوا تَزْكِيَةً مِنْ عَارِفِ لِوَاحِدٍ لا تُصْغِ لِلْمُخَالِفِ
وَقَدَّمُوا الْجَرْحَ عَلَى التَّعْدِيلِ إِنْ جَاءَ بِالتَّبْيِينِ وَالتَّفْصِيلِ
مِنْ عَارِفٍ دَارٍ بِأَسْبَابٍ لَهُ أَوْ لَمْ يُوَثَّقْ فَاقْبَلَنْ إِجْمَالَهُ
هَذَا عَلَى الْمُخْتَارِ فِيهِ (وَاحْذَرِ مِنْ غَرَضٍ فِي الْجَرْحِ أَيَّ خَطَرِ)
الأَسْمَاءُ، وَالْكُنَى، وَالأَلْقَابُ، وَالأَنْسَابُ
وَاعْرِفْ كُنَى مَنْ عُرِفُوا بِالأَسْمَا وَعَكْسَهُ وَمِثْلُهُ مَنْ يُسْمَى
بِكُنْيَةٍ لَيْسَ لَهُ سِوَاهُ وَمَنْ لأَمْرٍ كَثُرَتْ كُنَاهُ
أَوْ كَثُرَتْ نُعُوتُهُ أَوْ وَافَقَتْ كُنْيَتُهُ اسْمَ أَبِيهِ أَوْ أَتَتْ
بِالْعَكْسِ أَوْ كُنْيَتُهُ كَزَوْجَتِهْ أَوْ وَافَقَ اسْمُ شَيْخِهِ اسْمَ أَبِهْ
وَمَنْ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ يُنْسَبُ وَمَنْ يَكُنْ لأُمِّهِ يَنْتَسِبُ
وَمَنْ يَكُنْ إِلَى خِلافِ الظَّاهِرِ نَحْوُ أَبِي مَسْعُودَ وَهْوَ الْبَدْرِي
وَمَنْ يُوَافِقُ اسْمُهُ اسْمَ أَبِهْ وَجَدِّهِ فَصَاعِدًا فِي نَسَبِهْ
أَوِ اسْمَ شَيْخِهِ وَشَيْخِ شَيْخِهِ فَصَاعِدًا وَانْظُرْ إِلَى تَارِيخِهِ
وَمَنْ تَسَاوَى شَيْخُهُ وَالرَّاوِي عَنْهُ وَأَنْ تَهْتَمَّ بِالأَسَامِي
مَا كَانَ مِنْهَا جَمْعُهَا مُجَرَّدَهْ وَلْتَعْرِفَنْ أَيْضًا الاسَامِي الْمُفْرَدَهْ
عَنْ شُعْبَةٍ نَحْوُ لُبَيِّ بْنِ لَبَى وَاهْتَمَّ بِالأَلْقَابِ أَيْضًا وَالْكُنَى
وَاهْتَمَّ بِالأَنْسَابِ وَهْيَ تَقَعُ إِلَى الْقَبِيلِ تَارَةً وَتَقَعُ
إِلَى الْبِلادِ مُدُنًا وَضِيَعَا وَسِكَكًا كَذَلِكَ الصَّنَائِعَا
وَحِرَفًا وَقَدْ إِلَى الْمُجَاوَرَةْ نَحْوُ سَعِيدٍ نَسَبُوا لِلْمَقْبُرَةْ
وَقَدْ يَكُونُ الاتِّفَاقُ فِيهَا كَذَا يَكُونُ بَيْنَهَا اشْتِبَاهَا
ثُمَّ اعْرِفِ الأَسْبَابَ لِلأَلْقَابِ وَفِي الَّذِي يَبْعُدُ لِلأَنْسَابِ
ثُمَّ اجْتَهِدْ أَنْ تَعْرِفَ الْمَوَالِيَا مِنَ الرِّوَاةِ سَافِلاً وَعَالِيَا
لِلرِّقِّ أَوْ لِلْحِلْفِ أَوْ لِلدِّينِ لِتَسْتَفِيدَ غَايَةَ الْيَقِينِ
وَإِخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ فَاعْرِفِ وَكُلُّهُ أُفْرِدَ بِالتَّصْنِيفِ
آدَابُ الْمُحَدِّثِ وَالطُّلابِ
ثُمَّ اعْرِفِ الْمَطْلُوبَ مِنْ آدَابِ مِنَ الشُّيُوخِ وَمِنَ الطُّلابِ
وَمَا يَكُنْ مُشْتَرِكًا بَيْنَهُمَا وَمَا يَخُصُّ كُلَّ فَرْدٍ مِنْهُمَا
مِنْ ذَلِكَ الإِصْلاحُ لِلنِّيَّاتِ وَالْبُعْدُ عَنْ أَغْرَاضٍ اوْ غَايَاتِ
سَافِلَةٍ كَالْجَاهِ أَوْ كَالْمَالِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ هَذِهِ الأَوْحَالِ
وَأَنْ يَجِدَّا فِي امْتِثَالٍ وَعَمَلْ بِالْعِلْمِ ثُمَّ يُحْسِنَا سَمْتًا وَدَلّ
هَذَا وَرِفْقُ الشَّيْخِ بِالطُّلاَّبِ وَأَخْذُهُمْ بِأَنْفَعِ الأَسْبَابِ
وَغَرْسُ حُبِّ الْخَيْرِ فِي نُفُوسِهِمْ وَالْجِدِّ وَالإِتْقَانِ فِي دُرُوسِهِمْ
وَأَنْ يُجِلَّ الطَّالِبُ الشُّيُوخَا وَيُظْهِرَ الْهَيْبَةَ وَالرُّضُوخَا
لِقَوْلِهِمْ وَيَبْتَدِي بِالأَنْفَعِ مِنَ الْعُلُومِ وَالشُّيُوخِ فَاسْمَعِ
وَغَيْرُ ذَا مِمَّا بِهِ أَهَابُوا لِيُفْلِحَ الشُّيُوخُ وَالطُّلابُ
سِنُّ ال تَّحَمُّلِ وَالأَدَاءِ
وَلْتَعْلَمِ السِّنَّ الَّذِي يُنَاسِبُ أَنْ يَبْتَدِي فِي الأَخْذِ مِنْهُ الطَّالِبُ
وَأَجْدَرُ الأَقْوَالِ بِاعْتِبَارِ مَنْ شَرَطَ التَّمْيِيزَ لِلصِّغَارِ
أَمَّا الأَدَا فَلَيْسَ فِيهِ حَدُّ مُعْتَبَرٌ لَكِنْ مَتَى مَا وَجَدُوا
تَأَهُّلَ الرَّاوِي أَوِ احْتَاجُوا لَهُ فِي أَيِّ سِنٍّ رَجَّحُوا قَبُولَهُ
صِفَةُ كِتَابَةِ الْحَدِيثِ، وَرِوَايَتِهِ، وَالرِّحْلَةِ فِيهِ، التَّأْلِيفِ فِيهِ
وَاعْنِ بِعِلْمِ صِفَةِ الْكِتَابَهْ وَالْعَرْضِ وَالسَّمَاعِ وَالرِّوَايَهْ
كَذَلِكَ الرِّحْلَةُ فِي تَحْصِيلِهِ وَالسَّبَبُ الْمُعِينُ فِي تَأْوِيلِهِ
وَفِيهِ قَدْ صَنَّفَ شَيْخُ الْفَرَّا الْعُكْبَرِيُّ فَارْوِ فِيهِ وَاقْرَا
وَاعْلَمْ كَذَاكَ صِفَةَ التَّصْنِيفِ وَالْمَنْهَجِ الْمَرْضِيِّ فِي التَّأْلِيفِ
وَهْوَ يَكُونُ تَارَةً أَبْوَابَا وَتَارَةً مَسَانِدًا أَصْحَابَا
وَتَارَةً يَكُونُ فِي الأَطْرَافِ أَوْ عِلَلٍ مِثْلَ الْكِتَابِ الشَّافِي
لِلدَّارَقُطْنِي وَالتَّخَارِيجُ مَعَا كُتُبِ الْمَجَامِيعِ فَكُلٌّ نَفَعَا
وَإِنَّ مِنْهَا كُتُبَ الرِّجَالِ وَغَيْرَهَا فِي ذَلِكَ الْمَجَالِ
وَصَنَّفُوا فِي غَالِبِ الأَنْوَاعِ وَهْوَ عَسِيرُ الْحَصْرِ لاتِّسَاعِ
فَارْجِعْ إِلَيْهَا تَلْقَ مَا عَنَاكَا وَاشْكُرْ إِذَا لاقَيْتَ مَوْلاكَا
تَمَّتْ بِفَضْلِ اللَّهِ ذِي الْجَلالِ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الإِكْمَالِ
وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى الْكَرِيمِ
جميع الحقوق محفوظة لـ موقع الشيخ أحمد المعلم