الْحَمْدُ لِلَّهِ لا تَنْفَكُّ آلاهُ وَلا تُعَدُّ وَلا تُحْصَى عَطَايَاهُ
حَمْدًا كَثِيرًا وَشُكْرًا لا نَفَادَ لَهُ وَالْحَمْدُ وَالشُّكْرُ مِنْ أَسْبَابِ نُعْمَاهُ
ثُمَّ الصَّلاةُ عَلَى الْمُخْتَارِ دَائِمَةٌ مَا دَاوَمَ الذِّكْرَ وَالتَّسْبِيحَ أَوَّاهُ
وَبَعْدَ هَذَا مِنَ الأَحْكَامِ مُخْتَصَرٌ بَابُ الرَّضَاعَةِ فِيهِ قَدْ نَظَمْنَاهُ
أَمْلاهُ حَيْرَةُ قَوْمِي فِي مَسَائِلِهِ وَمَا يُعَانُونَ مِنْ جَرَّى قَضَايَاهُ
كَمْ حَرَّمُوا مِنْ حَلالٍ لاشْتِبَاهِهِمُ وَكَمْ يُحِلُّونَ مَا قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ
وَكَمْ أَخٍ نَالَ مِنْ أُخْتٍ لَهُ وَطَرًا لَمَا سَرَتْ وَفَشَتْ فِي النَّاسِ بَلْوَاهُ
وَكَمْ تَنَغَّصَ مِنْ زَوْجَيْنِ قَدْ غَرَسَا غَرْسَ السَّعَادَةِ فَاجْتَاحَتْهُ هَوْجَاهُ
كَمْ صِبْيَةٍ مُنِيُوا بِالْيُتْمِ حِينَ فَشَا سِرُّ الرَّضَاعَةِ حَيْثُ الْجَهْلُ غَطَّاهُ
فَاسْمَعْ لأَحْكَامِهِ وَاحْفَظْ أَدِلَّتَهُ وَحَذِّرِ النَّاسَ مِنْ أَضْرَارِ عُقْبَاهُ
عَلِّمْ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْفَظْنَ مَنْ رَضَعُوا مِنْهُنَّ يَسْلَمْنَ مِمَّا فِي طَوَايَاهُ
عُدَّ الرَّضَاعَ فَمَا كُلُّ الرَّضَاعِ لَهُ حُكْمٌ يُحَرِّمُ فَانْظُرْ مَا نَظَمْنَاهُ
تُحَرِّمُ الْخَمْسُ فِي وَقْتِ الرَّضَاعِ وَذَا خَيْرُ الْمَذَاهِبِ وَالْقُرْآنُ قَوَّاهُ
فَانْظُرْ حَدِيثَ ابْنِ حَجَّاجٍ لِعِدَّتِهِ كَذَا الزَّمَانُ لَدَى الشَّيْخَيْنِ تَلْقَاهُ
وَغَيْرُ هَذَا بِأَلْفَاظٍ مُنَوَّعَةٍ عَنْ عِدَّةٍ وَبِلا خُلْفٍ لِمَعْنَاهُ
وَالْخَمْسُ وَاحِدُهَا هَذِي حَقِيقَتُهُ (مَصٌّ وَتَرْكٌ وَلا عُذْرٌ وَإِكْرَاهُ)
كَذَا الْوُجُورُ وَشُرْبُ الطِّفْلِ إِنْ حَلَبَتْ لَهُ يُحَرِّمُ حَيْثُ الْكُلُّ غَذَّاهُ
أَمَّا الْكَبِيرُ فَفِي تَحْرِيمِهِ جَدَلٌ وَالْحَقُّ لا حُرْمَةٌ فِيمَا رَأَيْنَاهُ
إِلاَّ الَّذِي اضْطُرَّتِ الأُنْثَى لِخِلْطَتِهِ كَشَأْنِ سَالِمَ فِي هَذَا وَمَوْلاهُ
هَذَا الَّذِي يُجْمِعُ الأَخْيَارُ قَاطِبَةً وَفِي الْفَتَاوَى أَبُو الْعَبَّاسِ أَمْلاهُ
وَحَرَّمُوا بِالرَّضَاعِ الْحَقِّ مَا حَرُمَتْ مِنَ الْوِلادَةِ لا خُلْفٌ عَلِمْنَاهُ
فَالأُمُّ وَالأُخْتُ فِي الْقُرْآنِ حُرْمَتُهَا كَذَا الْبَقِيَّةُ فِي الأَخْبَارِ تَلْقَاهُ
فَزَوْجُ مُرْضِعَةِ الْمَوْلُودِ وَالِدُهُ أَعْنِي الَّذِي حَصَلَ الإِرْضَاعُ مِنْ مَاهُ
كَذَا أَبُوهُ لَهُ جَدٌّ وَإِخْوَتُهُ أَعْمَامُهُ وَلَهُ إِخْوَانُ أَبْنَاهُ
أَبْنَاءُ أَبْنَائِهِ أَبْنَاءُ إِخْوَتِهِ وَلِلرِّجَالِ مِنَ النِّسْوَانِ أَشْبَاهُ
فَأُمُّهُ جَدَّةٌ وَالأُخْتُ عَمَّتُهُ وَالْبِنْتُ أُخْتٌ لَهُ فِيمَا عَلِمْنَاهُ
وَبنْتُهَا بِنْتُ أُخْتٍ لا تَحِلُّ لَهُ بِمَا تَقَدَّمَ جُلُّ النَّاسِ قَدْ فَاهُوا
وَكُلُّ أَوْلادِ زَوْجِ الظِّئْرِ إِخْوَتُهُ أَعْنِي الرَّضِيعَ فَحَقِّقْ مَا جَمَعْنَاهُ
مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا مِنْ قَبْلِهِ وَكَذَا مِنْ بَعْدِهِ فَغِرَاسُ الْكُلِّ مِنْ مَاهُ
وَأَصْلُ هَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَاهُ لَنَا الشَّيْخَانِ وَاتَّبَعَ الْجُمْهُورُ مَنْحَاهُ
حَدِيثُ أَفْلَحَ لَمَّا جَاءَ عَائِشَةً وَقَالَ عَمٌّ فَلَمْ تَقْنَعْ بِفَتْوَاهُ
وَقَرَّرَ الْمُصْطَفَى مَا قَالَهُ فَغَدَا هَذَا الْحَدِيثُ لَنَا أَصْلاً تَبِعْنَاهُ
وَوَالِدُ الأُمِّ جَدٌّ لِلرَّضِيعِ كَذَا الإِخْوَانُ أَخْوَالُهُ فَافْطِنْ لِمَعْنَاهُ
كَذَا بَنُوهَا هُمُوا إِخْوَانُهُ وَكَذَا أَبْنَاؤُهُمْ لِبَنِي إِخْوَانِهِ ضَاهُوا
كَذَا النِّسَاءُ فَأُمُّ الأُمِّ جَدَّتُهُ وَأُخْتُهَا خَالَةٌ تَحْظَى بِقُرْبَاهُ
وَبِنْتُهَا الأُخْتُ مِنْ رَبِّ الرَّضَاعِ وَمِنْ غَيْرِ الَّذِي انْتَشَرَ الإِرْضَاعُ مِنْ مَاهُ
وَبِنْتُ بِنْتٍ وَبِنْتُ ابْنٍ لِمُرْضِعَةٍ عَلَى الرَّضِيعِ حَرَامٌ قَدْ عَرَفْنَاهُ
وَاعْدُدْ رَضِيعًا عِدَادَ الإِبْنِ مِنْ نَسَبٍ هَذَا الصَّحِيحُ بِهِ الْجُمْهُورُ قَدْ فَاهُوا
وَقَيْدُ صُلْبٍ كَمَا فِي الآيِ يُخْرِجُ مَنْ بِسُنَّةِ الْعَرَبِ الأُولَى تَبَنَّاهُ
فَزَوْجُهُ وَكَذَا أَبْنَاؤُهُ وَكَذَا بَنَاتُهُ الْكُلُّ فِي التَّحْرِيمِ يَقْفَاهُ
وَلَيْسَ يَحْرُمُ إِخْوَانُ الرَّضِيعِ عَلَى أَهْلِ الرَّضَاعَةِ فَاحْفَظْ مَا ذَكَرْنَاهُ
وَبِالْمُصَاهَرَةِ التَّحْرِيمُ مُنْتَشِرٌ مِنَ الرَّضَاعَةِ حَيْثُ الْكُلُّ قُرْبَاهُ
فَلا تَحِلُّ لِشَخْصٍ أُمُّ زَوْجَتِهِ مِنَ الرَّضَاعِ كَذَا الْجُمْهُورُ فُتْيَاهُ
بِلا مُخَالِفَ فِي هَذَا وَتُشْبِهُهَا فِيهِ الرَّبِيبَةُ فَاسْتَمْسِكْ بِفَتْوَاهُ
وَيَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ اخْتَيْنِ أَكْمَلَتَا شَرْطَ الرَّضَاعَةِ وَانْضَمَّا بِقُرْبَاهُ
كَذَاكَ عَمَّتُهَا أَيْضًا وَخَالَتُهَا حَيْثُ الدَّلِيلُ حَوَاهَا ضِمْنَ فَحْوَاهُ
اقْبَلْ مَقَالَةَ مَنْ جَاءَتْكَ قَائِلَةً أَرْضَعْتُ فَالْمُصْطَفَى ذَا الْحُكْمَ أَمْضَاهُ
وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ عَمَّا فَاتَ مِنْ زَلَلٍ وَلا تَسِرْ فِي طَرِيقٍ لَيْسَ يَرْضَاهُ
وَصَلِّ مَا لأْلأَتْ فِي الْجَوِّ أَنْجُمُهُ عَلَى النَّبِيِّ وَمَنْ فِي الْخَيْرِ يَقْفَاهُ
جميع الحقوق محفوظة لـ موقع الشيخ أحمد المعلم